سورة مريم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{قَالَ} إبراهيم {سَلامٌ عَلَيْكَ} أي سلمت مني لا أصيبك بمكروه، وذلك أنه لم يؤمر بقتاله على كفره.
وقيل: هذا سلام هجران ومفارقة. وقيل: سلام بر ولطف وهو جواب الحليم للسفيه. قال الله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان:63].
قوله تعالى: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} قيل: إنه لما أعياه أمره ووعده أن يراجع الله فيه، فيسأله أن يرزقه التوحيد ويغفر له. معناه: سأسأل الله تعالى لك توبة تنال بها المغفرة.
{إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} برا لطيفا. قال الكلبي: عالما يستجيب لي إذا دعوته. قال مجاهد: عودني الإجابة لدعائي. {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: أعتزل ما تعبدون من دون الله. قال مقاتل: كان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من كوثى فهاجر منها إلى الأرض المقدسة، {وَأَدْعُو رَبِّي} أي: أعبد ربي {عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} أي: عسى أن لا أشقى بدعائه وعبادته، كما تشقون أنتم بعبادة الأصنام.
وقيل: عسى أن يجيبني إذا دعوته ولا يخيبني. {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} فذهب مهاجرا {وَهَبْنَا لَهُ} بعد الهجرة {إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} آنسنا وحشته من فراقهم وأقررنا عينه، بأولاد كرام على الله عز وجل: {وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا} يعني: إسحاق ويعقوب.


{وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا} قال الكلبي: المال والولد، وهو قول الأكثرين، قالوا: ما بسط لهم في الدنيا من سعة الرزق. وقيل: الكتاب والنبوة.
{وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} يعني ثناء حسنا رفيعا في كل أهل الأديان، فكلهم يتولونهم، ويثنون عليهم. قوله عز وجل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا} غير مراء أخلص العبادة والطاعة لله عز وجل وقرأ أهل الكوفة {مخلصا} بفتح اللام أي: مختارا اختاره الله عز وجل وقيل: أخلصه الله من الدنس. {وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا} {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ} يعني: يمين موسى والطور: جبل بين مصر ومدين. ويقال: اسمه الزبير وذلك حين أقبل من مدين ورأى النار فنودي {يا موسى إني أنا الله رب العالمين} [القصص: 30].
{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} أي مناجيا، فالنجي المناجي، كما يقال: جليس ونديم.
قال ابن عباس: معناه: قربه فكلمه، ومعنى التقريب: إسماعه كلامه.
وقيل: رفعه على الحجب حتى سمع صرير القلم.


{وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} وذلك حين دعا موسى فقال: {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي} [طه:29- 30] فأجاب الله دعاءه وأرسل هارون، ولذلك سماه هبة له. قوله عز وجل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} وهو إسماعيل بن إبراهيم جد النبي صلى الله عليه وسلم {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} قال مجاهد: لم يعد شيئا إلا وفى به.
وقال مقاتل: وعد رجلا أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه الرجل، فأقام إسماعيل مكانه ثلاثة أيام للميعاد حتى رجع إليه الرجل.
وقال الكلبي: انتظره حتى حال عليه الحول.
{وَكَانَ رَسُولا} إلى جرهم {نَبِيًّا} مخبرا عن الله عز وجل. {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ} أي: قومه وقيل: أهله وجميع أمته {بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} قال ابن عباس: يريد التي افترضها الله تعالى عليهم، وهي الحنيفية التي افترضت علينا، {وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} قائما بطاعته. قيل: رضيه الله عز وجل لنبوته ورسالته. قوله عز وجل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ} وهو جد أبي نوح واسمه أخنوخ سمي إدريس لكثرة درسه الكتب. وكان خياطا وهو أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب، ولبس المخيط، وكانوا من قبله يلبسون الجلود، وأول من اتخذ السلاح، وقاتل الكفار وأول من نظر في علم النجوم والحساب، {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10